فيديو

صور

مفتاح

اضاءات

منشور

القرآن الكريم
العقائد الإسلامية
الفقه واصوله
سيرة النبي وآله
علم الرجال
الأخلاق
الأسرة والمجتمع
اللغة العربية
الأدب العربي
التاريخ
الجغرافية
الإدارة و الإقتصاد
القانون
الزراعة
الكيمياء
الرياضيات
الفيزياء
الاحياء
الاعلام
اللغة الانكليزية

حَتى يتَحَقَّقَ التَّراحُمُ والتَّلاحُمُ بينَ أفرادِ المُجتَمَعِ ويصيرُ النسيجُ الاجتماعيُّ مُتماسِكاً، يَجِبُ أنْ يُبادِرَ أفرادُهُ الى التّعاوُنِ والتّآزُرِ فِيما بينِهمِ، وهذا ما يَدعُو إليهِ الإسلامُ الحنيفُ وتَعاليمُ النَّبيِّ الأكرمِ، وعِترَتُهُ الطاهِرَةُ والصّالحينَ في كُلِّ عَصرٍ ومكانٍ.

وحَتّى يتَحَقَّقُ التوازنُ في العَيشِ ويَستَقِرَّ الدَّخلُ الماليُّ للإفرادِ يجِبُ أنْ يتَحَقَّقَ العدلُ والإنصافُ في تَوزيعِ الثَّرواتِ الماليّةِ بينَ أبناءِ البَلَدِ؛ وإذا لَمْ تَكُنْ هُناكَ عَدالَةٌ وإنصافٌ فإنَّ ثَمَّةَ تَقَعُّرٍ وتَحَدُّبٍ في مُستوى الخَطِّ الإحصائيِّ لمُعَدَّلِ الدَّخلِ الماليِّ، أيْ هُناكَ مَنْ سَتَتَكَدَّسُ في رَصيدِهِ الأموالُ، وهُناكَ مَنْ سَيَقرُبُ رَصيدُهُ مِنَ الصِّفرِ ويُعاني الفَقرَ واَلعَوزَ.

ولهذا وردَ حَثٌّ على التَّصَدُّقِ وإعطاءِ الحُقوقِ الشّرعيّةِ لمُستَحِقّيها؛ ليحصُلَ التوازُنُ أو مِمّا يَقرُبُ مِنهُ، وينحَسِرَ الفَقْرُ والاحتياجُ الذي تَقِفُ وراءَهُ مُعظَمُ المَشاكِلِ والأَزَماتِ في حَياةِ الشُّعوبِ.

وأمّا هَلْ كُلُّ مَنْ مَدَّ يَدَهُ سائلاً يُعَدُّ مُحتاجاً ليُعطى مِنَ الصَّدقاتِ؟ فهذا ممّا ينبَغِي أنْ ينتَبِهَ لَهُ أبناءُ المُجتَمَعِ، والتَّحَقُّقُ مِنِ ادِّعاءِ السائلِ وخُصوصاً هُناكَ مِنْ ضِعافِ النفوسِ امتَهَنُوا الاستجداءَ ومَدَّ يَدِ السّؤالِ، مُستَغِلِّينَ تَعاطُفَ النّاسِ وأخذَ صَدَقاتِهِم، لِما يحمِلُهُ كثيرٌ مِنَ النّاسِ مِنْ تعاطُفٍ تُجاهَ الفُقراءِ والمُعْوِزِينَ خصوصاً إذا كانَ هذا السائلُ يُجِيدُ لَفْتَ الأنظارِ وكَسرَ القُلوبِ تُجاهَهُ، أمّا بمَنظَرِهِ أو لِسانِهِ أو ببعضِ الطُّرُقِ لجَلبِ المُتَصَدِّقينَ والمُتَبَرِّعِينَ؛ وحينئذٍ ستَذهَبُ الصَّدقاتُ والتَّبَرُّعاتُ الى غَيرِ مُحتاجِيها الحَقِيقِيينَ!

وردَ عَنِ النّبيِّ الأكرَمِ وعِترَتِهِ الطَّيِّبَةِ-  بعضُ الرّواياتِ التي تُبَيّنُ كيفيةَ التّعامُلِ معَ السّائلِ ؛ مِنها:-

  • الِمعيارُ في مَعرِفَةِ كونِهِ صادِقاً أو غَيرَ صَادِقٍ هُوَ الوجدانُ وما يَشعُرُ بهِ الفَردُ تُجاهَ هذا السائلِ؛ فإنْ وَقَعَتْ في قَلبهِ الرأفَةُ والرِّقَّةُ فَهِيَ عَلامَةُ على استحقاقِ هذا السائلِ للصَّدَقَةِ والهِبَةِ؛ قالَ رَسولُ اللهِ (صَلّى اللهُ عَليهِ وآلهِ): (انظُرُوا إلى السّائلِ فإنْ رَقَّتْ لَهُ قُلوبُكُم فأعطُوهُ، فإنَّهُ صَادِقٌ). وعَنِ الإمامِ الصّادِقِ (عليهِ السَّلامُ) - لمّا سُئِلَ عَنِ السّائلِ يَسأَلُ لا يَدرِي مَا هُوَ؟ -: (..أَعْط ِمَنْ وَقَعَتْ في قَلبِكَ الرَّحمَةُ لَهُ) .
  • هُناكَ خُصوصيّةٌ للعَطاءِ مِنْ ناحيةِ الزَّمانِ والوَضعِ الذي يَنبَغِي إعطاءُ الصَّدَقَةِ فيهِ؛ فَفِي ليالي الجُّمَعِ ويَومِها ويومِ عَرَفَةَ مَثَلاً وأيّامِ شَهرِ رَمَضانَ ينبَغِي عَدَمُ التَّرَدُّدِ في إعطاءِ السائلِ مَهما كانَ العَطاءُ قَليلاً فَهُوَ خَيرٌ مِنَ الحِرمانِ، عَنِ الإمامِ الصادقِ (عليهِ السَّلامُ) قالَ: (الصَّدَقَةُ يومَ الجُمُعَةِ تُضاعِفُ لفَضلِ يومِ الجُّمُعَةِ على غَيرِهِ مِنَ الأيّامِ).

 وَجاءَ في خِطبةِ النّبيِّ الأكرمِ في استقبالِ شَهرِ رَمضانَ: ( اتَّقُوا النَّارَ ولَو بِشَقِّ تَمرَةٍ). ورُوِيَ بأنَّ الإمامَ الباقِرَ (عليهِ السَّلامُ) إذا كانَ يومُ عَرَفَةَ لَمْ يَرُدّ سائلاً. وَوَرَدَ عَنِ الإمامِ عليٍّ (عليهِ السَّلامُ) : (إنَّ أفضَلَ ما تَوَسَّلَ بهِ المتوسِّلونَ إلى اللهِ سُبحانَهُ وتَعالى ، الإيمانُ بهِ وبِرسُولِهِ..وصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ، وصَدَقَةُ الْعَلَانِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ).

  • سُمُوُّ الدافعِ في العَطاءِ لأجلِ الثَّوابِ ونَيلِ فَضيلَةِ العَطاءِ والتَّصَدُّقِ يَدفَعُ بالمؤمنِ أنْ يُفَكِّرَ بالعَطاءِ مَهما كانَ قَليلاً؛ قَالَ رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ): (لاَ تَرُدُّوا اَلسَّائِلَ ولَوْ بِظِلْفٍ مُحْتَرِقٍ). وعَنِ الإمامِ عليٍّ (عَليهِ السَّلامُ): (لا تَستَحِ مِنْ إعطاءِ القَليلِ فإنَّ الحِرمانَ أقلُّ مِنهُ).
  • التَّعاطُفُ معَ السّائلِ واحترامُهُ مِنْ دونِ صَرفِهِ بنَهرٍ أو استخفافٍ أو احتقارٍ، ويَنبَغِي إكرامُهُ ولَو باليُسرِ إنْ أمكَنَ مِنَ المالِ أوِ الطَّعامِ أوِ الدُّعاءِ والكلامِ الطَّيِّبِ لَهُ، عَنِ اَلصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ -عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : (رُدُّوا اَلسَّائِلَ بِبَذْلٍ يَسِيرٍ وَ بِلِينٍ وَ رَحْمَةٍ فَإِنَّهُ يَأْتِيكُمْ حَتَّى يَقِفَ عَلَى أَبْوَابِكُمْ مَنْ لَيْسَ بِإِنْسٍ وَ لاَ جَانٍّ يَنْظُرُ كَيْفَ صَنِيعُكُمْ فِيمَا خَوَّلَكُمُ اَللَّهُ) ؛  رُوِيَ  فِيما أوحَى اللهُ تعالى إلى مُوسى (عَليهِ السَّلامُ) : ( أكرِمِ السَّائِلَ إذا أتاكَ برَدٍّ جَميلٍ أو إعطاءٍ يَسيرٍ).
  • المُباشَرَةُ والتَّعَهُّدُ بالصَّدَقَةِ وإعطاؤها للسائلِ الفَقيرِ وتَسليمُها باليَدِ، فلِذلِكَ أثرُهُ المعنويُّ النفسيُّ والاجتماعيُّ. عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ قَالَ: (أَفْضَلُ اَلصَّدَقَةِ أَنْ يُعْطِيَ اَلرَّجُلُ بِيَدِهِ إِلَى اَلسَّائِلِ). وعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِه-ِ: (خَصْلَتَانِ لاَ أُحِبُّ أَنْ يُشَارِكَنِي فِيهِمَا أَحَدٌ: وُضُوئِي فَإِنَّهُ مِنْ صَلاَتِي ؛ وَ صَدَقَتِي فَإِنَّهَا مِنْ يَدِي إِلَى يَدِ اَلسَّائِلِ فَإِنَّهَا تَقَعُ فِي يَدِ اَلرَّحْمَنِ) ، لذا كانَ الإمامُ السَّجّادُ -عليهِ السَّلامُ- يُقَبِّلُ اَلصَّدَقَةَ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا اَلسَّائِلَ، قِيلَ لَهُ مَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا؟ فَقَالَ:  (لَسْتُ أُقَبِّلُ يَدَ اَلسَّائِلِ، إِنَّمَا أُقَبِّلُ يَدَ رَبِّي، إِنَّهَا تَقَعُ فِي يَدِ رَبِّي قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ اَلسَّائِلِ).
  • إذا كانَ السائلُ مَجهولَ العَقيدَةِ والسُّلوكِ فيَنبَغِي عَدَمُ رَدِّهِ والمبُادَرَةُ الى التَّصَدُّقِ عَليهِ، وأمّا إذا كانَ مَعروفاً بفَسادِ عَقيدَتِهِ وانحرافِ سُلوكِهِ مِنْ نَاحِيَةِ مَوقِفِهِ مِنَ الحَقِّ كأنْ يكونَ مُحارِباً للهِ ولرسولِهِ وللأئمةِ الكِرامِ -عَليهِمُ السَّلامُ- فيَجِبُ أنْ لا يُعطَى، سألَ الرَّاوي الإمامَ الصّادِقَ قَائلاً: قُلْتُ لَهُ أُعْطِي سَائِلاً لاَ أَعْرِفُهُ؟ قَالَ: (نَعَمْ، أَعْطِ مَنْ لاَ تَعْرِفُهُ بِوَلاَيَةٍ وَ لاَ عَدَاوَةٍ لِلْحَقِّ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَ قُولُوا لِلنّٰاسِ حُسْناً}  وَلاَ تُعْطِ لِمَنْ نَصَبَ لِشَيْءٍ مِنَ اَلْحَقِّ أَوْ دَعَا إِلَى شَيْءٍ مِنَ اَلْبَاطِلِ).